adsens

[احاديث نبوية ][horizontal][recent][5]


لقد شملت مبادرة دبي عاصمة للاقتصاد الإسلامي  التركيز على عدة مسارات رئيسية تتمحور ضمن مسارات التمويل الإسلامي، والتأمين الإسلامي والتحكيم في العقود الإسلامية، وتطوير صناعات الأغذية الحلال، والمعايير التجارية والصناعية الإسلامية، إضافة إلى مسار معايير الجودة الإسلامية.

كل ذلك من أجل تطوير قطاع الاقتصاد الإسلامي ، وتأمين وتقديم عدد من الحلول المتكاملة والتسهيلات لدعم القطاع وتفعيل العمل به..


وإن  تطوير صناعات الأغذية الحلال سيتم  من خلال تشجيع الصناعات الغذائية والتصديق عليها والتأكد من مطابقتها للمعايير الاسلامية المتفق عليها  شرعاً.


ولقد أحسنت حكومة دبي لما جعلت ضمن اهتماماتها وضمن أولوياتها ضمن دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي موضوع الأغذية الحلال ...


وقال د. عبد الحق حميش بكلية الدراسات الإسلامية في جامعة حمد بن خليفة القطرية: ان الاسلام اهتم  بالغذاء لأنه يشكل قضية من القضايا المهمة في حياة الإنسان، ولعلماء المسلمين اهتمام متزايد في تدبير شؤون الأطعمة وعاداتها وآدابها، كما لم يقتصر إسهام الحضارة الإسلامية على ذلك فحسب بل كان لها الأثر الأبرز في تطوير المفاهيم الغذائية والصحية وفي تكوين السلوك التغذوي السليم وإبراز أهمية الغذاء كعامل مهم في صحة الإنسان، وهو ما كان يشكل سبقاً حضارياً وإعجازاً علمياً يؤكد صدق النبوة ورسالة الدين الإسلامي.


1-    الإسلام والصحة العامة :

عندما كان الهدف الأساسي للإسلام هو بناء الإنسان السليم المعافى الخاضع لربه المطيع له، كان من الطبيعي أن يهتم بتوفير الصحة المناسبة والتوجيه الصحيح لهذا الإنسان.

والصحة هي العلم الذي يهتم بالإنسان من الناحية الجسدية والنفسية والعقلية وحتى المعيشية لأن توفير هذه الأشياء تجعل الإنسان يعيش في أمان حقيقي:


قال تعالى:  لإِيلافِ قُرَيْشٍ(1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ(2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ(3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ(4)  [سورة قريش].


ومن ثم كان لابد للإسلام أن يهتم بالصحة العامة من عدة جوانب فالصحة على مستوى الفرد هي الكفيلة ببناء الإنسان السليم القويم، والصحة على مستوى المجتمع هي الكفيلة بتوفير جو صحي ليعمل فيه هذا الإنسان، ويعمر الكون بالمنفعة والصلاح كما أمره الله تعالى: ولذلك كان الاهتمام واضحاً بنظافة الفرد الشخصية، ونظافة البيئة من حوله ونظافة أكله وشربه وغذائه بصفة عامة:


فحث الإسلام على نظافة الجسد وأمر بالاغتسال والوضوء وبسنن الفطرة وأتى الإسلام بتعاليم وإرشادات في نظافة الطعام والشراب كانت قمة في الدقة العلمية.


كما حرص الإسلام على توفير حياة كريمة طيبة للإنسان في بيئة سليمة من الناحية الصحية خالية من الأمراض والجراثيم والأوبئة ويتجلى ذلك أيضاً في حرصه على النظافة العامة في مصادر المياه ونظافة الأماكن العامة من شوارع وحدائق ومرافق، كما حض على نظافة المساكن والأبنية.
ومن ذلك يقول الرسول الكريم : " اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل".


2- صحة جسم الإنسان في الإسلام :

والإسلام يحرص على بناء الجسم القوي السليم " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " ، ويقول تعالى: ﴿إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ﴾ [ القصص: 26]، ولذلك حض الإسلام على تناول الطيبات والابتعاد عن الخبائث  ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾  [ الأعراف: 157]، فحرَّم الأطعمة والأشربة الضارة: مثل الميتة والدم ولحم الخنزير وغيرها، بينما حض على تناول كل ما يفيد الجسم من اللحوم واللبن والفواكه والخضار والعس والتمر.

وجعل الإنسان مسؤولاً عن تأمين قوته وقوت عياله، فكل إنسان عليه واجب السعي والبحث عن لقمة العيش والابتعاد عن كل ما حرَّم الله عز وجل  وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا  [ المائدة: 88].

والخلاصة التي نريد الوصول إليها أن الإسلام اعتنى ببناء الأجسام السليمة، كما حرص على تناول الأغذية الطيبة المفيدة والابتعاد عن الأطعمة الضارة الخبيثة.

وحيث أن صحة الإنسان ترتبط ارتباطاً مباشراً بالغذاء الذي يتناوله، وبالتالي بالحالة الصحية لهذا الغذاء: لذلك كان من الواجب أن يُؤخذ بالاعتبار جميع العوامل التي تؤثر على الحالة الصحية للغذاء، والتي لا تشمل فقط نظافة الغذاء بل تشمل كل شيء يتصل بالغذاء لضمان وصوله للمستهلك سليماً طيباً طاهراً مستساغاً ومحتفظاً بقيمته الغذائية..

3- أهمية الغذاء لجسد الإنسان
:
الغذاء هو المطلب الحيوي الأول الذي لا يمكن لأي إنسان أن يستغني عنه، والتغذية أمر ضروري أثناء فترة حياة الإنسان كلها لأنها تمثل مصدر تكوين الجسم وإمداده باحتياجاته الضرورية.

ولهذا نجد الشارع يلفت النظر إلى أهميته في قوله تعالى:  وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ  [ الشعراء: 79]، وقوله تعالى:  إنَّ لَك أَلَّا تَجُوع فيهَا وَلَا تَعْرَى  [ طه: 118]، وقوله تعالى:  أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ  [ المائدة: 4]، لذا كان من أهم مسؤوليات الفرد عن جسده تغذيته، حيث إن الغذاء مصدر الطاقة والحيوية والنمو، به يقوم وينهض بواجباته، ويدونه يضعف وتقل حركته وربما أدى ذلك إلى إنهاكه وسقمه.

فالامتناع عن تناول الطعام إقدام على إفناء الجسد بطريقة غير مباشرة، وهذا مما لا يجوز في شرعنا الحنيف، فإذا كان الوصال – وهو عبادة لله تعالى – منهي عنه بقوله : " إياكم والوصال "، فالامتناع دونما سبب، النهي عنه آكد، لأنه امتناع عن أداء حق من الحقوق التي رتبها المولى عز وجل على العباد، قال : " فإن لجسدك عليك حقاً " ، ولقد حذرنا الله تعالى مما يؤذي الجسد عموماً بقوله:  وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا  [ النساء: 29] والامتناع عن الطعام قتل للنفس نتيجة.

كما أن على الإنسان أن يحصل على الغذاء ما كان نافعاً للجسد، غير ضارّ، فإن الإقدام على تغذيته بما هو ضارُّ إيذاء له، فضلاً عن تحريمه، فالغذاء الجسدي مسؤولية قائمة، على الإنسان القيام بها وأدائها على الوجه الصحيح، الذي بيّنه الإسلام في تعاليمه.

4- تميز المسلم في طعامه وشرابه :

غير المسلم لا يقيد نفسه بقيد في موضوع الطعام والشراب، فهو يأكل كل شيء من لحم الخنزير أو الميتة أو ما لم يذبح ذبحاً شرعياً، وقد يأكل النجاسات كالدم، ويشرب الخمر، ويأكل على أي طريقة وهكذا... أما المسلم فهو من البداية يعتقد أن الله خلق الكون وما فيه لصالح الإنسان، فمن حقه أن يقيد الإنسان، وأن يمنعه عن بعض الأمور امتحاناً لهذا الإنسان، أيطيع الله وقد أعطاه ما أعطاه، فعلى هذا نجد المسلم لا يأكل ولا يشرب ما حرم عليه، فلا يأكل لحم الخنزير ولا يشرب الدم، ولا يشرب الخمر، ولا يأكل لحوم الحيوانات المحرمة التي تصيد بنابها أو مخلبها، كالأسد والنسر، والحيوانات التي يجوز أكلها لا يأكلها  إلا إذا ذبحت على الطريقة الشرعية حيث يذكر اسم الله عليها أثناء ذبحها كرمز على أن الذي أباح إزهاق روحها هو خالقها وبإذنه نفعل ذلك، وحيث تقطع الأوداج والحلقوم والمريء من مكان معين عند الرقبة في غير حالة الصيد ليذهب الدم الحرام النجس وهكذا..

ولا شك في الحكمة فيما حرمه الله علينا لأن من أسمائه الحكيم، فالخمر ضار، ولحم الخنزير فيه ضرر، ولحوم الحيوانات المحرمة فيها ضرر، وقد يكون هذا الضرر، أخلاقياً إن لم يكن جسمياً، إذ للتغذية أثرها في تكوين نفس الإنسان، فمن لا يأكل اللحم بتاتاً تختلف نفسيته عن من يأكله دائماً، ونوع معين من اللحم قد يؤثر تأثيراً ما في تكوين النفسية البشرية، ولعل إباحية الغرب وتهتكه وعدم مبالاته بالعرض مرتبطة ارتباطاً جزئياً بموضوع لحم الخنزير، وعلى كل حال فالمسلم يلتزم هذا الالتزام سواء وُجد ضرر، أو لم يوجد، لمجرد أن الله أمر، وأن أمره واجب التنفيذ، إذ هو المالك الحقيقي للكون، ومن حقه أن يمنع الإنسان عما يحب..

5- الغذاء الإسلامي :

يشغل الغذاء الإسلامي بال الأمة الإسلامية أفراداً وحكومات، ولقد أقلق مضاجعها المترديات والحالة المزرية التي وصل وآل إليها الغذاء الإسلامي، حتى في الدول الإسلامية، ناهيك عن حال الأقليات الإسلامية في البلاد التي يعيشون بها أو يقطنونها!!

ومن الحقائق المرة التي يجب أن نعرفها: أن الغذاء الإسلامي فقد المسلك الحقيقي الذي أخطه له خالق الغذاء جلت قدرته: فغاص الغذاء في أعماق بلا نهاية  ودخل في مسارات بلا حدود تحجبها، تتفاقم بمرور المصحوب باللامبالاة خصوصاً مع الانفتاح المغري على الأسواق العالمية فاختلط الحلال بالحرام.. والطيب بالخبيث.. وتكاثرت المشبوهات ودخلت المواد المضافة المحرمة والمشبوهة في كثير من أنواع الأغذية ولقد كان من مساوئ الثروة الصناعية - خصوصاً في مجال صناعة الغذاء – أن أوصلت التقنية الغذاء إلى الحد الذي يصعب عنده الشك في محتوياته ومصدره وأوقفت المستهلك حائراً أمامه.

لقد أظهرت الدراسات الميدانية والنتائج المخبرية التي أجريت في بعض أسواق الدول الإسلامية والعربية أن الغذاء الحرام والمدخلات المحرمة تجد سبلاً ميسرة ومرتعاً خصباً.. والمستهلك المؤمن لم يغب عن باله شبهة هذا الغذاء، ولقد وصل الأمر ببعض منتجي الأغذية أن أخفى كل الدلائل التي تشير إلى وجود المدخلات المحرمة في ذلك الغذاء فاختلط الأمر على معظم المستهلكين ولكنه انكشف عند المختبرات المؤهلة التي تسعى لتنوير المستهلك بخفايا ذلك الغذاء حتى يتجنبها ولقد وضعت بعض الدول قوانين تقضي بأحكام تداول المواد المحرمة حتى لا يلتبس الأمر على المستهلك المسلم.. ويتعاطى الحرام من حيث لا يدري.

إن العالم يريد أن يقف على ماهية وحقيقة الوجبة الإسلامية ليتأكد من واقعيتها وشموليتها لأنها تعكس إحدى معجزات القرآن الكريم، واهتمامه بالغذاء كعنصر هام في حياة الإنسان، فالإسلام اعتنى بالغذاء عند جميع مراحله وبكل صوره ومكوناته واحتوى القرآن الكريم على عدد كبير من الآيات التي تخص الغذاء وشملت هذه الآيات الأسس الكفيلة بضبط جودة الغذاء وسبل المحافظة عليه، بل ويعتبر القرآن أول دستور سماوي نزل على الأرض يفرد هذا الكم الهائل من الآيات الكريمة عن الغذاء ويضمن في ذلك قانوناً للرقابة الغذائية   فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ   [ الكهف: 19]، ولو تعمق علماء التغذية في القانون الإسلامي عن الغذاء لتأكد لهم أن مدرسة الإسلام متجددة ومسايرة لكل عصر ولها من القواعد والأسس العلمية الصحيحة ما يجعل الاهتداء بها فوزاً كبيراً لبني الإنسان.
6- حال الأمة الإسلامية اليوم في أمر الغذاء وصحة جسم الإنسان :

إن الدول التي تسعى في سبل التطور والرقي لا تدخر وسعاً في سبيل توفير الغذاء السليم الصحي المتكافئ، وتسخر كل إمكاناتها لإيجاد بنية بشرية متكاملة متماسكة بعيدة بقدر المستطاع عن أمراض سوء التغذية والأمراض العصرية، وكل عالم تغذية يردد القول المعروف: " أن العقل السليم في الجسم السليم ".

والملاحظ – وللأسف الشديد – أن كثيراً من الدول الإسلامية تجاهلت البنية البشرية، وأهملت الجانب الغذائي، أو لم تجعله من أولوياتها ولأسباب مختلفة: منها الجهل وعدم إدراك أهمية الاعتناء بالجانب الصحي والغذائي للإنسان في المجتمع، أو لأن المؤسسات التي تعنى بالغذاء والتغذية غارقة في بحر الروتين والتخبط، أو أن مجال البحث العلمي في هذا المجال يكاد يكون معدوماً ولا صدى له، أو أن علماء التغذية المسلمين رحلوا إلى بلاد تقدر عطاءهم ففتحت لهم مراكز البحوث ووفرت لهم الامكانات فكان لهم العطاء الواضح.

7- رقابة جودة الغذاء :

إن الإسلام أول دين بين كل الأديان السماوية التي وضعت أسساً لرقابة الغذاء.. فالغذاء ككائن حي من طبيعته أن تعتريه التغيرات خلال مراحل تداوله وتصنيعه وتخزينه ولهذا وجهنا القرآن الكريم إلى الاهتمام بهذا الشأن وأن نتخير طعامنا إذا أقدمنا عليه وهذا التخير لا يعني فقط التقييم الحسي للغذاء وإنما يتجاوزه حتى يصل إلى المسؤولين عن معامل ومختبرات الفحص والتحليل التي يقع على عاتقها تحديد الجيد من الطعام ليكون في متناول يد المسلم.. وبالمواصفات والمقاييس المطلوبة في ذلك الغذاء، وفي المجتمع الإسلامي الذي يسوده القانون الرباني تتساير الأشياء بعضها مع البعض كجودة الغذاء مع السعر ولا يحق لمسلم أن يطلب أو يطمع في سعر لا يتماشى مع معايير ذلك الغذاء، فللجودة نصيب من المال وللمال نصيب من الجودة.

يقول تعالى في سورة الكهف:  فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ  [ الكهف: 19].

ويقول أيضاً تأكيداً لضبط الجودة ومراقبة مستوى الإنتاج:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ  وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ  [ البقرة: 267].

هي دعوة صريحة لكل من يعمل في مجال الغذاء.. المنتج والبائع.. والمشتري والفلاح.. والتاجر.. المصنع والمصدر والأجهزة التي تعمل في رقابة الغذاء إذا كانت منبعاً للقوانين والتشريعات المعتمدة على المنهج الرباني والسنة المحمدية وجهاز التفتيش وجهاز المختبرات للفحص والتحليل والتدقيق مسؤولية مشتركة إذا أخلص كل منا في مجاله وحاسب ضميره قبل أن يحاسب لانتظم عقد المجتمع وتعايش المجتمع مع الأمن والسلام والألفة والرخاء.

إن قانون الأغذية أساسه هذه الآيات الكريمة:  وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ  [ الأعراف: 157].

 فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ  [ البقرة: 259].

8- الأغذية المحللة في الإسلام :
من مقاصد الشريعة الإسلامية الغراء حفظ الدين والعقل والنفس والنسل والمال، وقد عمد الشارع الحكيم إلى تحريم كل ما من شأنه أن يخل بتحقيق هذه المقاصد، والقاعدة الشرعية التي تحكم التعامل مع مكونات الطبيعة وما أوجده عز وجل فيها هي أن الأصل في الشيء الإباحة لقوله تعالى:  وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ    [ الجاثية: 45]، إلا ما ورد نص على تحريمه مثل النجس وما اختلط بنجس والضار والمسكر وكل ما تأنفه النفس السوية ولا تستطيبه من الأوساخ والقاذورات، قال تعالى:  يسألونك ماذا أحل لهم، قال أحل لكم الطيبات  [ المائدة: 4]، ويقول تعالى في صفة نبيه :  ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث  [ الأعراف: 175].

إن الغذاء الذي وفره الله سبحانه وتعالى وضع له ضوابطه وحدوده، ومن تلك الضوابط الهامة اجتناب الأغذية المحرمة، وتوظيف كل الامكانيات لإبعاد مثل هذه الأغذية، وأن تشمل قوانين الغذاء توضيحاً وافياً للأغذية المحرمة ومدخلاتها التي تغيب عن كثير من المسلمين.


يقول الله تعالى:  إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.  [ البقرة: 173].


والمسلم مطالب بتناول الحلال: يقول الله تعالى:  يَسْئَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَـتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارحِ  [ المائدة: 4].


ويقول:  الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ  [ المائدة: 5].